أخر الاخبار

قضاء حوائج الناس

 قضاء حوائج الناس



فعل الخير في الإسلام


أمرنا الله سبحانه وتعالى بفعل الخير ، والتعاون على البر ونهى عن التعاون على الشر ، قال تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تُحِلّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهرَ الحَرامَ وَلَا الهَديَ وَلَا القَلائِدَ وَلا آمّينَ البَيتَ الحَرامَ يَبتَغونَ فَضلًا مِن رَبِّهِم وَرِضوانًا وَإِذا حَلَلتُم فَاصطادوا وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ أَن صَدّوكُم عَنِ المَسجِدِ الحَرامِ أَن تَعتَدوا وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى وَلا تَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ [المائدة: ٢] وفعل الخير له منزلة كبيرة وثواب عظيم ولا يقل منزلة عن فعل العبادات ، قال تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اركَعوا وَاسجُدوا وَاعبُدوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ ۩﴾ [الحج: ٧٧]


ومن أعمال الخير والبر ، قضاء حوائج الناس ،الذي هو مبدأ إنساني له ثواب عظيم تكفّل الله سبحانه وتعالى به، وإن من علامات حب النبي الكريم -صلوات ربي وسلامه عليه- التأسي به في حرصه ﷺ على قضاء حوائج الناس. فقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وثبت ذلك، في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما فعن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ :«إنِّي أُوتَى فأُسأَلُ ويُطلَبُ إليَّ الحاجةُ وأنتم عندي فاشفَعوا فلْتُؤجَروا ويقضي اللهُ على لسانِ نبيِّه ما أحَبَّ أو ما شاء»

.


وجاء في الحديث الشريف عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: « المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَة»ِ.



ولا يقتصر السعي في قضاء حوائج الناس على النفع المادي فقط، ولكنه يمتد ليشمل النفع بالعلم، والنفع بالرأي ، والنفع بالنصيحة ، والنفع بالمشورة ، والنفع بالجاه ، والنفع بالسلطان .ومن نعم الله تعالى على العبد أن يجعله مفاتحا للخير والإحسان , فعن سهل بن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « عِنْدَ اللَّهِ خَزَائِنُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، مَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، وَمِغْلاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَهُ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ، وَمِغْلاقًا لِلْخَيْرِ » .أخرجه ابن ماجة ووالطبراني والألباني



فضل السعي في قضاء حوائج الناس


قضاء حوائج الناس سبب للبركة وزيادة االرزق فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ للهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، يُقِرُّهُمْ فِيهَا مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ» . حَدِيثٌ حَسَنٌ.


جعل الله سبحانه وتعالى الساعي في قضاء حاجة أخيه المسلم في معيّته ومؤيداً له، ومعيناً ومثيباً، وكفى به أجراً وفضلاً.


الساعي في قضاء حوائج الناس على اختلاف مشاربهم وأجناسهم، قضى الله سيحانه وتعالى حوائجه وثبته على الصراط، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ».


الساعي الى قضاء حوائج الناس من أحب الناس الى الله سبحانه وتعالى ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد ـ يعني مسجد المدينة ـ شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ـ ولو شاء أن يمضيه أمضاه ـ ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة ـ حتى يثبتها له ـ أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام » . رواه ابن أبي الدنيا في كتاب: قضاء الحوائج، والطبراني وغيرهما، وحسنه الألباني


السعي في قضاء حوائج الناس سبب للمغفرة وتثبيت أقدام العبد على الصراط يوم القيامة ، قال رسول الله ﷺ : «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ إِبْلاَغِي حَاجَتَهُ ، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَا نًا حَاجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ إِبْلاَغَهَا إياه ، ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .




اقتداء الصحابة بالنبي في السعي لقضاء حوائج الناس


لقد اقتدى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في الحرص على السعي لقضاء حوائج الناس.


كان علي بن الحسين – رحمه الله – يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في الظلام فلما مات فقدوا ذلك ، كان ناس من أهل المدينة يعيشون ولا يدرون من أين معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كان يأتيهم بالليل .


عن معمر عن عاصم بن أبي النجود أن عمر بن الخطاب كان إذا بعث عماله شرط عليهم ألا تركبوا برذونا ولا تأكلوا نقيا ولا تلبسوا رقيقا ولا تغلقوا أبوابكم دون حوائج الناس فإن فعلتم شيئا من ذلك فقد حلت بكم العقوبة قال ثم شيعهم فإذا أراد أن يرجع قال إني لم أسلطكم على دماء المسلمين ولا على أعراضهم ولا على أموالهم ولكني بعثتكم لتقيموا بهم الصلاة وتقسموا فيئهم وتحكموا بينهم بالعدل فإن أشكل عليكم شيء فارفعوه إلي ألا فلا تضربوا العرب فتذلوها ولا تجمروها فتفتنوها ولا تعتلوا عليها فتحرموها. المصنف , لعبد الرزاق الصنعاني


عن عبد الملك بن ميسرة عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ ، ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ ، فِي رَحَبَةِ الْكُوفَةِ ، حَتَّى حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ ، ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ ، فَشَرِبَ ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهْوَ قَائِمٌ ، ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ» . أخرجه أحمد والبُخَارِي وأبو داود والتِّرمِذي في (الشمائل)


كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم ، فلما استُخلف قالت جارية منهم : الآن لا يحلبها ، فقال أبو بكر : بلى وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله .


كان عمر يتعاهد الأرامل يستقي لهن الماء بالليل، ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة، فدخل إليها طلحة نهارًا، فإذا هي عجوز عمياء مقعدة فسألها: ما يصنع هذا الرجل عندكِ؟ قالت: هذا مذ كذا وكذا يتعاهدني يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى، فقال طلحة: ثكلتك أمك يا طلحة، أعورات عمر تتبع؟.



لا تنس ذكر الله



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-